بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى اختار من عباده أقواما شرفهم بحمل كتابه وأوجب لهم تجويده والعمل بما فيه , وأجزل لهم العطاء والرضوان على ذلك.سبحانه من إله كريم وهاب فضل أهل القرآن على من سواهم ,وأشهد أن لاإله إلا الله شهادة نتخلص بها من النزعات , ونعلو بها أرقى الدرجات , وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله , وصفيه من خلقه وخليله ,وخيرته من خلقه , والسفير بينه وبين عباده القائل : (( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )), والقائل : (( من أراد أن يتكلم مع ربه فليقرأ القرآن )) .صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين حفظوا القرآن وحافظوا عليه وجودوه وتدبروا معانيه , وعملوا بما فيه من أحكام , وتخلقوا بما فيه من آداب , فرضى الله عنهم ورضوا عنه(( أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ))
أما بعد : إن أفضل مايشغل الإنسان به جوارحه كتاب الله الكريم من حفظه وتجويده وتدبر معانيه والعمل بما فيه , ليكون بذلك من أهل السعادة فى الدارين
والآن ومع بداية عام هجرى جديد عام 1431 هجرية وفى أول يوم من أيامه نبدأ بفضل الله وعونه الحلقة الأولى من كيفية حفظ وتثبيت آيات الله الكريم وهذا ماحدث معى تماما وكنت أطبق هذه القواعد تماما عند حفظى وكانت بعون الله لى خير معين بعد الله تعالى على حفظ كتابه وأعلم أنكم تعرفون أكثر منها لكن حقيقة لو اتبعتموها سوف تجدوا فيها الخير الكثير وهناك قواعد كثيرة لكن إنتقيت منها ومن خبرتى فى حفظ كتاب الله عن ظهر قلب ومن مشايخى هنا فى المسجد النبوى هذه الخلاصة منها وإليك هذه القواعد
القاعدة الأولى :ا
التضرع والدعاء وصدق التوكل على الله سبحانه وتعالى فى الحفظ والتعلم والقصد بذلك وجه الله الكريم وبذل الجهد لتحصيل العلم ,
قال الله تعالى : (( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا... )) العنكبوت 69
وقال الهادى البشير صلى الله عليه وسلم : (( إن تصدق الله يصدقك )) صحيح الجامع
القاعدة الثانية :
مداومة المراجعة اليومية وتحديد ورد ثابت لهذا الغرض ولايترك الأمر ليكون ثانويا بعد أن ينتهى الإنسان من سائر أعماله فلا يجد له بعد وقتا ولاراحة للمراجعة , بل لابد من استقطاع وقت كاف للمراجعة بقدر أقله جزء يوميا
قال النبى صلى الله عليه وسلم : (( تعاهدوا هذا القرآن فو الذى نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل فى عقلها )) رواه الشيخان
وقال أيضا : " خير العمل ماداوم عليه صاحبه وإن قل " رواه البخارى , ولا ينبعى أن يهجر القرآن بلا تلاوة ولاحفظ ولاعمل بأحكامه(( وقال الرسول يارب إن قومى اتخذواهذا القرآن مهجورا )) الفرقان 30
القاعدة الثالثة : مهمة جدا حقيقى هذه القاعدة وهى
الحفظ من مصحف واحد " أى طبعة واحدة " وكذلك المراجعة بل والتلاوة لأن الإنسان منا إلى أن يحفظ صفحة من المصحف يكون قد رسم فى ذهنه صورة كاملة لهذه الصفحة وعرف أول كلمة فى السطر وآخر آية من الصفحة ومكان كل آية فيها , ولذلك إذا حاول أن يحفظ من مصحف آخر يختلف عن الأول فى عدد الأسطر ونظامها والصفحات , فإن الصورة المرسومة فى ذهنه وعقله تتغير وتصير مهتزة ومذبذبة مما ينتج عنه عدم التركيز , ومن ثم الحفظ غير الجيد .
القاعدة الرابعة :التسميع والمراجعة على الغير ما أمكن أفضل من المراجعة الفردية لأنه قد يخطئ الإنسان ولايدرى أنه أخطأ , مع مافى ذلك من التشجيع ومحاولة التثبت من الحفظ قبل التسميع , فضلا عن الإجتماع على الذكر وتلاوة القرآن والتعاون على البر والتقوى.
القاعدة الخامسة : القراءة بالقرآن فى صلاة الليل وذلك من أقوى مايثبت القرآن والحفظ فى الصدور , لما فى صلاة الليل من الخشوع والخلوة مع الله جل جلاله , والإخلاص والتجرد فلا مجال للرياء ولما فيها من البعد عن الضوضاء , ومشغلات الذهن , ومن ثم يزيد التركيزوأود أن أشير هنا إلى بعض الأوقات المباركة التى ينبغى الإستفادة منها بمزيد من الحفظ وهى الأسحار " آخر الليل " وكذلك الأبكار " بعد صلاة الفجر " فإنه وقت مبارك ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " اللهم بارك لأمتى فى بكورها " وكان دائما شيوخى فى مسجد الرسول هنا يؤكدوا على الحفظ فى هذا الوقت وأيضا مابين المغرب والعشاء ولكن يا أحبابى العبرة لاشك بالوقت الذى يصفو فيه الذهن وتقل فيه الحركة بعيدا عن الشواغل والملهيات وما أكثرها فى زماننا نسأل الله العافية
القاعدة السادسة :تدوين مايكثر فيه الخطأ فى ورقة أثناء المراجعة للتركيز عليه فيما بعد ومعرفة أماكن الضعف فى الحفظ حتى يمكن تدارك ذلك , وينبغى هنا عدم الإستهتار بتلك الوريقات لأن بها كلام الله تعالى , ولكن تحفظ حتى يتم التخلص منها بطريقة لائقة وغير ممنوعة شرعا وأرشد هنا إلى طريقة رائعة جربتها أنا بنفسى ونفعتنى جدا فى تذكار الآيات وهى أن تأتى بكشكول من الورق الأبيض فى نفس طبعة المصحف الذى تحفظ منه , ثم ترقم صفحات الكشكول بنفس ترتيب المصحف مع قيامك برسم المستطيل الداخلى فى كل ورقة بنفس مقاس تلك الطبعة التى تحفظ منها ثم بعد ذلك تقوم بكتابة الكلمات التى أنسيتها أو التبس عليك حفظها بخط واضح كاللون الأحمر مثلا مع تركك باقى الصفحة دون كتابة , فإذا أردت مراجعة سورة ما , نظرت إلى تلك الكشكول
تنبيه مهم جدا : الكلمات المراد كتابتها فى الكشكول توضع فى نفس مكانها من المصحف وسوف أوضح ذلك إن شاء الله
القاعدة السابعة :الإستفادة مما ألف فى المتشابهات لسهولة فصلها عن بعضها والتحقق من كل آية على حدة وهذا يكون مع الذى حفظ القرآن الكريم كاملا أو أكثره , لكن أحب أن أنوه لأن هذا تخصصى وهو المتشابهات فى القرآن أن من يحفظ من الأعضاء أى شئ سوف أشرح له أى متشابه فيه أى فى الجزء الذى يحفظه حتى لاينساه أبدا فمثلا من يحفظ البقرة أو جزء منها يكتب لى وأنا أضع له النقط الفنية التى تجعل حفظه متقن بإذن الله لكن نحن نكتب للعموم سواء حافظ القرآن كله أو بعضه لأن الحلقات ستتوالى بإذن الله
القاعدة الثامنة : تفسير مالا يتيسر حفظه إلا بتفسيره , كقول الله تعالى : " ... نحن نرزقكم وإياهم ..." الأنعام 151 , وقوله " ... نحن نرزقهم وإياكم ... " الإسراء 31 , فبتفسير هاتين الآيتين يسهل الفصل بينهما وتوضع كل آية فى موضعها ولا يكون ذلك إلا عن طريق التفاسير الصحيحة المعتمدة .
القاعدة التاسعة :اللغة العربية تساعد بقواعدها النحوية فى ضبط مايطرأ على القارئ من شك فى ضبط بعض الكلمات كقوله تعالى : (( ... إنما يخشى الله من عباده العلماء ... ) فاطر 28 فلفظ الجلالة الله منصوبة والعلماء مرفوعة
وقوله تعالى (( ... أن الله برئ من المشركين ورسوله ... )) التوبة 3 , والأمثلة فى ذلك أكثر من أن تحصى
القاعدة العاشرة :تدبر القرآن يساهم أيضا فى ربط كثير من الآيات بعضها ببعض بل يسهل أحيانا استنتاج تتابع الآيات ومن الأمثلة على ذلك مايأتى :
أولا : " لما سمع بعض العرب قارئا يقرأ : (( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله ...)) وأكمل الآية بقوله : (( والله غفور رحيم )) قال : ليس هذا كلام الله فقال القارئ أتكذب بكلام الله تعالى ؟ فقال : لا ولكن ليس هذا بكلام الله فعاد القارئ إلى حفظه وقرأ (( والله عزيز حكيم )) فقال الأعرابى صدقت " عز فحكم فقطع ولو غفر ورحم لما قطع " والأمثلة كثيرة ومرة من المرات قرأ طالب على الشيخ من سورة النحل قوله تعالى " فخر عليهم السقف من تحتهم " فقال له ياأخى خليك مهندس كيف يخر السقف من تحتهم فعاد إلى حفظه وقال فخر عليهم السقف من فوقهم " ووالله مرة كنت أسمع على شيخى فى مسجد الرسول فى سورة النساء فى قوله تعالى " عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا فخطأت وقلت من سرعتى عسى الله أن يكف بأس الذين ءامنوا فقال الشيخ أستغفر الله أستغفر الله يادكتور لاتعد تقرأ اليوم ولابد أن تراجع ولاقرأت فى ذلك اليوم
ففعلا لابد من التدبر أثناء القراءة والتسميع تجعلك دائما لاتخطئ أبدا بفضل الله
أحبائى فى الله الكلام عن القرآن عذب لاينتهى وعندى الكثير لكن يجب التطبيق العملى كما قالت أختنا الفردوس" ينبوع المعرفة "
وأحب أن أنوه لحضراتكم أن هذه القواعد لمن بدأ فى حفظ كتاب الله أما من لم يبدأ فليسمع منى الآتى وينفذه تماما
1- لابد أن تحدد لنفسك وحسب قدرتك ورد يومى من القرآن تحفظه لاتخل عنه أبدا حتى ولو كان آية واحدة يوميا ولقد قلت لبعض زملائى هنا من الأطباء أريدكم فقط أت تحفظوا 4 آيات يوميا من كتاب الله فيكون قد حفظتم القرآن فى 4 سنين وثلاثة أشهر وبالتحديد فى 4 سنوات و99 يوم لأن عدد آيات القرآن 6236 آية على طريقة الكوفيين لكن البعض منهم قال 4 آيات فقط أنا ممكن أحفظ 20 آية فقلت لهم نعم فقط داوموا على 4 آيات هذا الكلام من 7 سنين لكن والله مر العمر ببعضهم وحتى الآن لم يحفظ آية واحدة وقال معظمهم لى ياليتنا سمعنا كلامك وبدأنا بالقليل لكن لى زميل معى فى الحرم أخصائى عظام حفظ القرآن قى 8 أشهر تماما كل يوم ربع قرآن وكنت عونا له بعد الله تعالى فالشاهد من كلامى لابد أن تحدد يوميا مقدار تحفظه لاتخل عنه أبدا وأكررها
2- لابد أن تقرأ أولا على شيخ متقن الحفظ وياحبذا لو مجاز من بعض المشايخ ويصحح لك ماتقرأه قبل حفظك حتى يقوم لك لسانك لأن القرآن نزل بالتواتر والتلقى من رب العزة ثم جبريل عليه السلام ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الصحابة ومن أتى بعدهم فلابد أن تتلقاه على شيخ أو من يحفظ حتى لو ولدك أو أخوك المهم لاتقرأ القرآن أول مرة بمفردك حتى تحفظ بإتقان وتقرأه كما يحب رب العالمين
3- عندما تبدأ فى حفظ ورد اليوم الثانى لابد أن تراجع أولا ماحفظته فى اليوم الأول وهكذا بهذه الطريقة يثبت عندك الحفظ بإذن الله
4- سوف أكون عونا بعد الله لمن يحفظ من الأعضاء أول بأول أضع له العلامات والإشارات التى تجعل حفظه متقن لاينسى لكن يرسل إلى عن طريق المنتدى يقول مثلا أنا سوف أحفظ كذا وكذا وأنا بفضل الله بخبرتى فى الحفظ والمتشابهات أساعده حتى لاينسى أبدا مثل :
قوله تعالى : فى سورة الأنعام " والله الغنى ذو الرحمة "
وقوله تعالى : فى سورة الكهف " وربك الغفور ذو الرحمة " فلكى لاتنسى وتخطأ وتضع كلمة الغنى مكان كلمة الغفور فى سورة الكهف قلت
سورة الأ
نعام بها حرف النون وكذلك الغ
نى فيها حرف النون
أما سورة الكه
ف بها حرف الفاء والغ
فور بها حرف الفاء وبهذا يسهل التفرقة بينهما وسوف ترون العجب العجاب فى المتشابهات لأنه علم شيق جدا وجذاب وممتع وكلنا نجتهد فيه ربما أنتم تضعون فرق أفضل مما وضعته فنحن معا على طريق الحق وعلى كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم إن شاء الله
وإلى لقاء آخر إن شاء الله
وتحت أمركم فى أى إستفسار وسؤال
أنا خدام لكتاب الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته